الإجمالي $ 0
سلة المشتريات
الذكاء الحضري من الكفاءة الرقمية إلى العدالة الحضرية
رغم ما تُقدّمه المدن الذكية من وعود براقة بشأن تحسين الكفاءة وتعزيز الرفاه الحضري، إلا إنها تُغفل الجوانب البنيوية الأعمق المرتبطة بالعدالة الاجتماعية والسياسية. ففي سعيها لرقمنة الحيز المدني، تختزل كثير من مبادرات "الذكاء الحضري" المدن إلى شبكة من البيانات والخوارزميات، متجاهلة التعقيدات الإنسانية والتفاوتات الاجتماعية التي تشكّل النسيج الحضري الحقيقي.
إن الاعتماد المفرط على البيانات المجردة والخوارزميات قد يؤدي إلى نتائج عكسية؛ فعندما تُصمَّم البنية التحتية لتخدم السيارات ذاتية القيادة على حساب المشاة، أو تُتخذ القرارات العامة استناداً إلى بيانات منحازة، فإن النظم الذكية قد تُعيد إنتاج التحيّزات ذاتها التي يُفترض بها تصحيحها.
إن الإدارة الحضرية الرشيدة تقتضي النظر إلى التكنولوجيا كوسيلة لا كغاية، وتستدعي تقييم كل تدخل رقمي وفق معايير العدالة، والشفافية، وشمولية الأثر.
وهم الذكاء وأزمة العدالة في المدن الذكية
في سياق السعي نحو تعظيم الأمن باستخدام التقنيات المتقدمة، تتبنى بعض المدن الذكية أنظمة تنبؤ بالجريمة تعتمد على تحليلات خوارزمية مستمدة من بيانات شرطية سابقة. وعلى الرغم من تقديم هذه الأدوات كحلول "ذكية" لتعزيز السلامة العامة، فإنها غالباً ما تُعيد إنتاج التحيّزات البنيوية المتجذّرة في نظم إنفاذ القانون.
تعتمد خوارزميات التنبؤ على بيانات مشبعة بانحيازات عنصرية وجغرافية، ما يؤدي إلى توجيه الرقابة نحو أحياء بعينها، وزيادة الوجود الأمني في مجتمعات محددة دون مبررات. وبدلاً من معالجة أسباب الجريمة، تعمل هذه التقنيات على تضخيم الاستهداف الممنهج تحت غطاء "الحياد التكنولوجي".
الخطورة لا تكمن فقط في النتائج التي تفرزها هذه الأنظمة، بل في افتقارها إلى الشفافية والمساءلة المؤسسية. فغالباً ما تُدار خوارزميات الأمن ضمن بيئات مغلقة، تُقصي الجمهور وصنّاع السياسات عن فهم كيفية اتخاذ القرارات أو الطعن فيها. ومع غياب آليات رقابة ديمقراطية ومشاركة مجتمعية فعالة، تتحوّل أدوات الذكاء الاصطناعي إلى أدوات ضبط اجتماعي غير خاضعة للرقابة.
تحديات العدالة في المدن الذكية
في خضم التحول الرقمي الذي تتبناه المدن الذكية، تُروّج الكفاءة التشغيلية بوصفها مؤشراً رئيسياً للنجاح، مستندة إلى أنظمة بيروقراطية مؤتمتة تقودها البيانات وتتخذ قراراتها عبر نماذج حسابية دقيقة. غير أن هذه الكفاءة الظاهرية كثيراً ما تحجب أوجهاً خفية من التفاوت وعدم الإنصاف، إذ تُوزَّع الموارد والخدمات بناءً على خوارزميات لا تراعي التباينات الاجتماعية، ولا تعكس احتياجات الفئات المهمشة.
ومع تعاظم الاعتماد على المؤشرات الرقمية، تصبح العدالة مجرد نتيجة إحصائية، لا تعبيراً عن التزام مؤسسي بالإنصاف. وتتجلى المفارقة حين يُختزل دور المواطن إلى مجرد "مستخدم" عبر أدوات مشاركة رقمية شكلية، مثل تطبيقات الإبلاغ أو الشكاوى، مما يُفرغ الممارسة الديمقراطية من جوهرها، ويحوّل المشاركة إلى إجراء إداري لا يلامس جوهر صنع القرار.
وفي غياب العدالة المؤسسية والمساءلة، يُخشى أن تتحول المدن الذكية إلى منظومات أكثر دقة في إعادة إنتاج التفاوتات، لا في معالجتها.
للمزيد من ملخصات المدن الذكية وتخطيط المدن ومدن المستقبل وحكومات المستقبل ومستقبل الحكومات، وملخصات الكتب المقروءةPDF وسماع الكتب الصوتية Audio Booksعلى منصة إدارة.كوم، واستخدام إدارة شات بوت Edara Chatbot باللغتين العربية والإنجليزية للحصول على استشارات سريعة، وكتابة أبحاث إدارية وإعداد المقالات الصحفية، أو الحصول على شهادة مهنية في استشراف المستقبل:
-
ملخص كتاب الخوارزميات الأخلاقيةpdf تصميم الخوارزميات الواعية اجتماعياً
-
ملخص كتاب المدينة الرقمية الفاضلةpdf هل للحياة معنى في عالم بلا مشاكل؟
-
ملخص كتاب المدن الذكيةpdf المدينة الفاضلة بين البيانات الضخمة وقراصنة المواقع الحكومية
-
ملخص كتاب ما هي تقنية المعلوماتpdf الرئيس التنفيذي وتقنية المعلومات